فلسفة التجديد في نطاق التفسير القانوني

منذ ظهور النصوص القانونية المكتوبة، ظهرت الحاجة إلى تفسيرها لتيسير فهمها. لم يقتصر التفسير على ظاهر النصوص، بل اتجهت بعض المدارس إلى البحث عن مقاصدها وسياقاتها، بينما دعت أخرى إلى ضرورة توافق النصوص مع التحولات المجتمعية. وقد شهد التاريخ مدارس متعددة للتفسير، سواء في القانون الروماني أو في الفكر الإسلامي، بين من يتمسك بظاهر النص ومن يتوسع نحو مقاصده.

في العصر الحديث، ومع فلسفة الحداثة التي وثقت بالعقل التشريعي، ظهر لاحقًا تيار ما بعد الحداثة المشكك في وجود حقائق مطلقة، مؤكدًا أن كل معرفة تخضع للتفسير والتحيّز الذاتي. أثّرت هذه الفلسفة في العلوم القانونية عبر مفكرين مثل دريدا وفوكو، مما أدى إلى ظهور "مدرسة القانون ما بعد الحداثي"، والتي أعادت طرح أزمة تفسير النصوص القانونية.

يسعى هذا الكتاب إلى نقل هذا الجدل الفلسفي إلى ميدان القانون، مركزًا على تفسير النصوص القانونية، ويهدف إلى تقديم حلول نظرية وعملية لهذه الأزمة استنادًا إلى أسس لغوية واجتماعية وثقافية تتكامل مع الفكر القانوني المعاصر.